بما أن أراضي بني حسن في الحقبة العثمانية زراعية بحته فقد تحول اهتمام عشائرنا الى الزراعة بشكل رسمي منذ العام 1879 عندما وضعت الحكومة العثمانية سجلات حقوق لبني حسن أصدرتها عن ولاية سوريا - لواء حوران -قضاء عجلون - ناحية جرش والمعراض وخرجت لجنة من مركز الولاية الى ضواحي الواجهة العشائرية لبني حسن وقسمت الخرب الاثرية في الناحية على العائلات والافخاذ واستقر كل بارضه وهذه مرحلة انتقالية من بني حسن البدوية الى بني حسن المستقرة وهذا كلام كما اشرت موثق بالحوادث والوثائق الرسمية ...
استمر بنو حسن على الزراعة واسقرت عشيرة الخوالدة بما اخذت من اراضي في مرصع والرمان وبلعما وحيانات وانقسمت عنها عائلتي الخلايلة والزواهرة في حين اصر الكثير من الزواهرة والخلايلة على البقاء ضمن العشيرة ومجاورة عائلتي الخليل والحجاجية في بلعما وحيان علما ان الاخيرة (حيان)تحوي الى اليوم افخاذا من الزواهرة وبعضهم مسجل رسميا باسم الخوالدة .وبقيت اراضي الخلايلة والزواهرة ضمن مقسم الخوالدة حتى الثلاثينيات ..فعندما صدر قانون تقسيم اراضي بني حسن المصادق عليه من امير البلاد في عام 1931م كانت اراضي الخلايلة والزواهرة ضمن اراضي الخوالدة والسجل الاصلي محفوظ لدي صورة عنه على برنامج اكروبات ريدر بشكل جيد وهو منشور في الجريدة الرسمية في ذلك الوقت .
ونعود قليلا الى الوراء ففي نهاية عام 1918 وبعد حالة انفلات الامن التي عانت منها مناطقنا في تلك المرحلة حدث نوع من الفتنة بين الخليل والحجاجية وهما نصف الخوالدة وهم اليوم سكان مرصع وبلعما وحيانات وبحكم مجاورة العائلات لبعضها البعض في الزراعة فقد انعكست الخلافات على بيادر الزرع و بدأت الفتنة بحرق البيادر ففي كل يوم يحرق بيدر لاحد الطرفين...
واستمرت الحالة بين الهدوء والصخب الى شهر تموز 7 من عام 1920 حين اجتمع وجهاء الطرفين (الخليل والحجاجية) وكتبا بينهم ورقة تعهد بعدم حرق البيادر واقتصار العقوبة على من يفعل ذلك شخصيا دون الحاقها بباقي ابناء العائلة....
الوثيقة محفوظة بشكل جيد ....
وكتب على ظهرها بخط واضح(الى صاحب المقام الافخم الجليل الاكرم) وهذه صيغة من بقايا المخاطبات العثمانية التي كانت سائدة وقد تكون موجهة الى قائم المقام في جرش انئذٍ.
كتبت الوثيقة على ورق عثماني ناعم صعب الطي وقد لحقها نوع من التلف بشكل لايذكر وتحمل نص الاتفاق التالي :
ملاحظة:الكلام بين الاقواس(( )) هو النص الحرفي للوثيقة بينما تشير علامات[ ] الى تصحيحاتي وتعليقي على بعض المصطلحات :
نص الوثيقة:
((بتاريخه ادناه قد حضر الاشخاص المشروحة اسمائهم[اسماؤهم]ادناه وقد صار[جرى] الاتفاق فيما بينهم وهما الخليل والحجاجية انه جميع [كل] شيء يصير[يحدث] من مخطيات[اضرار] النار فيما بين الجميع لا يصير له طلب ما عدى[عدا] الذي يوقد النار في وسط الزراعة[اي لا يطلب الحق الا من مشعل النار شخصيا ] فالذي يصير[يسير] من هذا الدرب [الذي يسير في هذا السلوك] فهوى[فهو] الملزوم بشخصه \ 2 شوال سنة 338))
الامضاءات:
خليفه العبيد الله [المرعي -الخليل]
املاوي البشير[الحجاجية]
اسويلم الغصون[الحجاجية]ختمه
اخليف الضيفلي[الحجاجية]
احسين العلي[شيخ عشيرة الخوالدة-المصطفى -الخليل] ختمه
جابر الجلعود[الحجاجية]
طافش المرشد[مختار فخذ الخليل-المصطفى الخليل]
اكريم العليان[السليم والدولة -الخليل]
اهليل الرويضان[العثمان والهديبات -الخليل]
ملاحظات هامة حول هذه الوثيقة:
اولا: كتبت بقلم الكوبياء المعروف ودليل ذلك تقطع الخط ثم قوته ثم تقطعه وهكذا
ثانيا :حفظت الوثيقة لدى عائلة العناجرة بعناية منذ كتابتها وحتى اليوم .
ثالثا :كاتب الوثيقة ليس من المتعلمين الافذاذ وهذا يدل انها كتبت في ضروف سريعة ،اذ وقع في اخطاء لغوية واملائية كثيرة ولغته العربية ركيكة ويمكن ان يكون الكاتب نصرانيا لملاحظة كتابته لفظ الجلالة الله في الاسماء بشكل يشبه كتبة النصارى السريان اذ كان يختصرون اسم الله بكتابة حرف الالف ا يليه صليب مائل مشبوك يشبه اشارة × مشبوكة وهذا امر سائد في كثير من المخطوطات وجرى في هذه الوثيقة .
رابعا:عدد الموقعين على الوثيقة هو تسعة :اربعة من الخليل واربعة من الحجاجية بالاضفة الى الشيخ حسين العلي الابراهيم شيخ الخوالدة في ذلك الحين.
خامسا :كتب التاريخ بالهجري والسنة دون مرتبة الالاف هكذا 338 والمقصود 1338 وهو ليس سهوا وانما اعتياد في تلك الفترة كتابة التاريخ دون مرتبة الالاف .
تبرز اهمية الوثيقة من حيث ان الفترة التي كتبت فيها هي فترة نشوء البلدات التي تسكنتها العائلات الموقعة واهمها بلعما وحيان اذ بدأ الاستقرار فيها منذ هذا التاريخ ولم تكن قبل ذلك تعدو كونها خرب واماكن لتخزين الحبوب والمحاصيل في كهوفها ومغائرها وخربها العتيقة...
كما اسست لاتفاقيات اخرى كان اهمها بين الخليل والحجاجية تبادل الاراضي في مرصع والمصطبة وبلعما وحيان تمهيدا لاستقرارالناس فيها وهي غير بعيد من اعلان تاسيس امارة الشرق العربي بعدها باشهر قليلة.....